كشفت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي بشكل واضح وصريح أن تقليص المساعدات الأميركية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين يهدف إلى معاقبة القادة السياسيين الفلسطينيين وإرغامهم على تقديم تنازلات سياسية، وذلك في تعليقها على رسالة الاحتجاج التي أرسلتها ٢١ منظمة دولية لإدارة الرئيس الأميركي ترامب على تقليص المساهمة الأميركية «للاونروا».
وهذا الكشف الواضح وضوح الشمس يدحض الادعاءات الأميركية السابقة من أن الهدف من هذا التقليص هو إصلاح وكالة الغوث وتنظيمها إداريا، وهو ما بررت به واشنطن قرارها بالتقليص.
كما أن هذا التقليص الذي له أبعاد سياسية أخرى والرامي إلى محاولات تصفية قضية اللاجئين من خلال تصفية وكالة الغوث، وإزالة قضية حق العودة من على طاولة المفاوضات في أي مفاوضات قد تحصل مستقبلا، مثلما أزاح الرئيس ترامب قضية القدس من على الطاولة بقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وإعطاء الضوء الأخضر لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة تساوقا مع هذا القرار.
فما معنى قول هالي إن الهدف هو الضغط على السياسيين الفلسطينيين لتقديم تنازلات سياسية، بعد القرار الأميركي بشأن القدس وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، واعتبار الكونغرس الأميركي المنظمة إرهابية حسب زعمه.
إن القيادة الفلسطينية التي قدمت الكثير من التنازلات من أجل تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام ٦٧ لا يمكنها أن تقدم اكثر من
ذلك، لان ما قدمته هو الحد الأدنى، إن لم نقل أقل من ذلك، من حقوق شعبنا الوطنية الثابتة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فإذا كانت الإدارة الأميركية المتساوقة مع الاحتلال الإسرائيلي تعتقد بان مثل هذه الضغوط والممارسات يمكنها ان ترغم القيادة الفلسطينية وشعبنا على تقديم المزيد من التنازلات فهي واهمة لأنه ليس هناك اكثر مما قدمته في سبيل إنهاء الاحتلال الذي يعد آخر احتلال في العالم.
ان على الولايات المتحدة التي تعتبر نفسها قائدة العالم وتدعي الديمقراطية وحقوق الانسان، ان تعمل بالمبادىء الإنسانية والديمقراطية، وليس التساوق مع آخر احتلال في العالم على حساب شعبنا
وحقوقه الوطنية الثابتة والمعترف بها دوليا.
كما أن الولايات المتحدة بهذه السياسة الخرقاء تعيد إلى العالم شريعة الغالب والتي بموجبها يأكل القوي الضعيف، غير أن شعبنا رغم كل المؤامرات التصفوية ليس بضعيف، فالذي قدم مئات آلاف
الشهداء والجرحى على مذبح الحرية والاستقلال الناجزين يمكنه أن يقدم المزيد لإفشال هذه المؤامرات والضغوط السياسية رغم الظروف المجافية والتي لن تستمر إلى أبد الآبدين.إن شعبنا المكافح والمناضل والذي أوصل قضيته إلى العالم قاطبة، لن ترهبه مثل هذه الضغوط وسينتزع حقوقه الوطنية الثابتة طال الزمن أم قصر، لأن الشعوب في النهاية هي المنتصرة والتاريخ أكبر دليل على ذلك، فجميع الشعوب التي استعمرت نالت استقلالها رغم أنف الاستعمار، وشعبنا لن يشذ عن هذه القاعدة والتي هي حتمية تاريخية.
Copyright ©2024