د. محمد مكرم بلعاوي
المدير العام لرابطة برلمانيون لأجل القدس
تسببت عمليات التطبيع بين بعض الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي، في "تأثير ضخم" على القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى المبارك وتشكل خطرًا كبيرًا على أحد الأماكن المقدسة لدى المسلمين في العالم إضافة إلى زيادة معدلات التهويد والاستيطان في مدينة القدس.
اعتمد رئيس حكومة المستوطنين الفاشية بنيامين نتنياهو، في عمليات التطبيع على فكرة "السلام المجاني"، على أساس مبدأ "السلام مقابل السلام"، ولا يتطلع إلى تقديم تنازلات مقابل التسوية مع العرب والمسلمين، بل يسعى إلى مرحلة يجد فيها الفلسطينيون أنفسهم في وضع يضطرون للموافقة على الواقع الذي يتم فرضه عليهم بدون أن يحصلوا على مقابل ملموس لتنازلات الدول المطبعة.
وهذا السيناريو الذي يسعى نتنياهو لتحقيقه ويهدف إلى حرمان الفلسطينيين من إقامة دولة خاصة بهم، وبدلاً من ذلك يكونون فقط مقيمين على أرض فلسطين التاريخية دون أن يحصلوا على حقوق المواطنة والمشاركة السياسية، وهذا يعني أن مصيرهم قد يتجه نحو مستقبل مظلم، إذ سيتعرضون لخطر الترحيل نتيجة الضغوط المستمرة وحملات التطهير العرقي التي يشنها المستوطنون بالتعاون مع جيش الاحتلال.
في المقابل سياسات التطبيع العربية تسهم بشكل كبير في تعزيز هذا الاتجاه، والادعاء بأنها تهدف إلى تحقيق مصالح الفلسطينيين، ادعاءات عارية عن الصحة تمامًا، بل تكشف بوضوح ضيق الرؤية وعجز الإرادة السياسية للدول المطبعة.
والأضرار الناجمة عن هذه الخطوات لن تقتصر على الشعب الفلسطيني وحده، بل ستمتد تأثيراتها إلى جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الدول التي سلكت مسار التطبيع، إلى أن الخطورة على قضية المسجد الأقصى تمثل تهديدًا بالغ الخطورة، وتُنذر بتجاوز حدود الاقتحامات والتهويد ومحاولات تهويده تمثل خطرًا جديًّا يُهدد الفلسطينيين وكذلك باقي المسلمين، الذين يشكلون اليوم نحو ربع سكان العالم.
وتعرض الأقصى للخطير قد يشعل موجات من عدم الاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي، الأمر الذي سيؤثر سلبيًّا على السلم العالمي الذي أُنشِئت الأمم المتحدة للحفاظ عليه، في وقت تأخذ اقتحامات جماعات المستوطنين للأقصى منحنىً أكثر خطورة برعاية حكومية رسمية، وبالتالي تآكل الوصاية الأردنية على هذا المسجد.
الأمر الذي يتطلب من الدول العربية والإسلامية وجميع أعضاء البرلمانات حول العالم للتوحد والتضامن من أجل دعم شعب فلسطين وممارسة الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق تقدم ملموس على الأرض، بدلاً من الاكتفاء بالشعارات، لأن تحقيق السلام والعدالة والحرية للفلسطينيين يمثل أساسًا لتحقيق الاستقرار والسلام العالميين.
Copyright ©2024